كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَوْ مَعْرِفَةُ نَفْسِهِ إنْ كَانَ عَارِفًا بِالطِّبِّ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي إخْبَارِ الْوَاحِدِ وَلَوْ فَاسِقًا إذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ لِلْمَذْهَبِ إلَخْ) أَيْ حِلِّ اسْتِمَاعِهِ اُنْظُرْ هَلْ يَحِلُّ لِنَحْوِ الطَّبِيبِ اسْتِعْمَالُهُ حِينَئِذٍ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ اسْتِمَاعُ الْمَرِيضِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ شِفَاؤُهُ رَشِيدِيٌّ أَيْ وَالظَّاهِرُ الْحِلُّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْته ثَمَّ) أَيْ فِي كَفِّ الرَّعَاعِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّبَّابَةُ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْغَابِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِخُلُوِّ جَوْفِهَا) وَفِي الْبُجَيْرِمِيُّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَالشَّبَّابَةُ هِيَ مَا لَيْسَ لَهُ بُوقٌ وَمِنْهَا الصَّفَّارَةُ وَنَحْوُهَا. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ) أَيْ كَمَا صَحَّحَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ الْغَزَالِيَّ وَمَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَيْهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ بِتَحْرِيمِهِ مُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَدَّ أُذُنَيْهِ إلَخْ) قَدْ يُعَارَضُ ذَلِكَ بِأَنَّ تَرْكَهُ الْإِنْكَارَ عَلَى الرَّاعِي دَلِيلُ الْجَوَازِ وَإِلَّا لَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَرْطُ وُجُوبِ الْإِنْكَارِ كَوْنُهُ مَجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ التَّحْرِيمَ وَالْيَرَاعُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّاعِيَ كَانَ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ أَوْ بِتَقْلِيدٍ لِمَنْ أَفْتَاهُ بِحِلِّهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ أَوْ أَنَّهُ قَامَ مَانِعٌ مِنْ الْإِنْكَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: سَدَّ أُذُنَيْهِ) أَيْ وَرَعًا وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ السَّمَاعِ لَا يَحْرُمُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ تَقْرِيرِهِ لِسَمَاعِ نَافِعٍ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ نَقَلَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: فِي تَحْرِيمِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِأَطْنَبَ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَى أَنَّهُ إلَخْ يَعْنِي قَالَ أَنَّ الْقَوْلَ بِحِلِّهَا أَوْ الْقَائِلَ بِهِ لَيْسَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ إلَخْ) مَرَّ مَا فِيهِ.
(وَيَجُوزُ دُفٌّ) أَيْ: ضَرْبُهُ (وَاسْتِمَاعُهُ لِعُرْسٍ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ جُوَيْرِيَّاتٍ ضَرَبْنَ بِهِ حِينَ بَنَى عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُمَا بَلْ قَالَ لِمَنْ قَالَتْ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، دَعِي هَذَا وَقُولِي بِاَلَّذِي كُنْت تَقُولِينَ أَيْ: مِنْ مَدْحِ بَعْضِ الْمَقْتُولِينَ بِبَدْرٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَصَحَّ خَبَرُ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ» وَخَبَرُ: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» سَنَدُهُ حَسَنٌ وَتَضْعِيفُ التِّرْمِذِيِّ لَهُ مَرْدُودٌ وَمِنْ ثَمَّ أَخَذَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ مِنْهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْعُرْسِ وَنَحْوِهِ (وَخِتَانٍ)؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُقِرُّهُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ وَيُنْكِرُهُ فِي غَيْرِهِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَكَذَا غَيْرُهُمَا) مِنْ كُلِّ سُرُورٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ قَالَتْ لَهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ إنِّي نَذَرْت إنْ رَدَّك اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت نَذَرْت أَوْفِي بِنَذْرِك» وَهَذَا يَشْهَدُ لِبَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ ضَرْبَهُ لِنَحْوِ قُدُومِ عَالِمٍ أَوْ سُلْطَانٍ لَا خِلَافَ فِيهِ وَيَشْهَدُ أَيْضًا لِنَدْبِهِ بِقَصْدِ السُّرُورِ بِقُدُومِ نَحْوِ عَالِمٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ إذْ الْمُبَاحُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يُؤْمَرُ بِوَفَائِهِ لَكِنْ مَرَّ فِيهِ فِي النَّذْرِ زِيَادَةٌ لَابُدَّ مِنْ اسْتِحْضَارِهَا هُنَا وَيُبَاحُ أَوْ يُسَنُّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِنَدْبِهِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَلَاجِلُ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَادِّعَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِجَلَاجِلَ يُحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ وَهِيَ إمَّا نَحْوُ حَلَقٍ تُجْعَلُ دَاخِلَهُ كَدُفِّ الْعَرَبِ أَوْ صُنُوجٍ عِرَاضٍ مِنْ صُفْرٍ تُجْعَلُ فِي خُرُوقِ دَائِرَتِهِ كَدُفِّ الْعَجَمِ وَبِحِلِّ هَذِهِ جَزَمَ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ الْمَلَاهِي الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَأَطَالَ وَنُقِلَ عَنْ جَمْعٍ حُرْمَتُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَرْبِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ يَخْتَصُّ حِلُّهُ بِالنِّسَاءِ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ دُفٌّ) بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَدْفِيفِ الْأَصَابِعِ عَلَيْهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: حِينَ بَنَى عَلَى) أَيْ دَخَلَ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَصْلٌ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ خَبَرُهُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَخَذَ) إلَى قَوْلِهِ وَيَشْهَدُ أَيْضًا فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) كَالْوَلِيمَةِ وَوَقْتِ الْعَقْدِ وَالزِّفَافِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ سُرُورٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَوِلَادَةٍ وَعِيدٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ وَشِفَاءِ مَرِيضٍ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ سُرُورٍ قَدْ يُفْهَمُ تَحْرِيمُهُ لَا لِسَبَبٍ أَصْلًا فَلْيُرَاجَعْ وَلَا بُعْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَعِبٌ مُجَرَّدٌ. اهـ.
أَقُولُ فِيهِ تَوَقُّفٌ وَلَوْ قَالَ يُفْهَمُ كَرَاهَتُهُ إلَخْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الشِّطْرَنْجِ وَالْغِنَاءِ بِشَرْطِهِمَا بَلْ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ حِلُّ مَا عَدَاهَا مِنْ الطُّبُولِ إلَخْ الْإِبَاحَةُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يَشْهَدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ ضَرْبَ الدُّفِّ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ مِنْ قُدُومِ عَالِمٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.
وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا لَمْ يَضْرِبْهُ لِنَحْوِ قُدُومٍ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا فَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ إلَخْ) أَيْ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ أَوْ يُسَنُّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الدُّخُولُ عَلَى الْمَتْنِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَدُفِّ الْعَرَبِ وَقَوْلُهُ كَدُفِّ الْعَجَمِ إلَى وَلَا فَرْقَ وَقَوْلُهُ لَكِنْ أَحَدُهُمَا إلَى لِلْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ: يُحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ) قَدْ يُقَالُ الْأَصْلُ عَدَمُهَا.
(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ بِأَنَّهُ إلَخْ مَرْدُودَةٌ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ وَفِيهِ صَنْجٌ أَشَدُّ إطْرَابًا إلَخْ مَمْنُوعٌ. اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا الْمَنْعَ مُكَابَرَةٌ وَالْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ الدُّفِّ الَّذِي فِيهِ الصَّنْجُ مَعَ حُرْمَةِ الصَّنْجِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ بَعْدَهُ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الدُّفِّ الَّذِي فِيهِ جَلَاجِلُ.
(وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ أَيْضًا (وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ لَكِنْ أَحَدُهُمَا الْآنَ أَوْسَعُ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَا جِلْدَ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ» أَيْ: الْقِمَارَ وَالْكُوبَةَ؛ وَلِأَنَّ فِي ضَرْبِهَا تَشَبُّهًا بِالْمُخَنَّثِينَ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَادُهَا غَيْرُهُمْ وَتَفْسِيرُهَا بِذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَنْ فَسَّرَهَا بِالنَّرْدِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ حِلُّ مَا عَدَاهَا مِنْ الطُّبُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَطْلَقَ الْعِرَاقِيُّونَ تَحْرِيمَ الطُّبُولِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ: الْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الطُّبُولِ مَا عَدَا الدُّفَّ (لَا الرَّقْصُ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ الْحَبَشَةَ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ عِيدٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَرْبَابَ الْأَحْوَالِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَتِهِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا جَمْعٌ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِمْ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسُوا مُكَلَّفِينَ، ثُمَّ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِهِ إذَا كَثُرَ بِحَيْثُ أَسْقَطَ الْمُرُوءَةَ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا فِيهِ نَظَرٌ وَأَوَّلًا وَاضِحٌ جَلِيٌّ يَجِبُ طَرْدُهُ فِي سَائِرِ مَا يُحْكَى عَنْ الصُّوفِيَّةِ مِمَّا يُخَالِفُ ظَوَاهِرَ الشَّرْعِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ صَدَرَ عَنْهُمْ فِي حَالِ تَكْلِيفِهِمْ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ أَوْ مَعَ غَيْبَتِهِمْ لَمْ يَكُونُوا مُكَلَّفِينَ بِهِ وَقَدْ مَرَّ فِي الرِّدَّةِ فِي رَدِّ كَلَامِ الْيَافِعِيِّ مَا يَجِبُ اسْتِحْضَارُهُ هُنَا وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ كَانَ يَرْقُصُ فِي السَّمَاعِ يُحْمَلُ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَالتَّحَرُّكِ لِغَلَبَةِ وَجْدٍ وَشُهُودِ وَارِدٍ أَوْ تَجَلٍّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَهْلُهُ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِمْ آمِينَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ فِي مَوْقِفِ الشَّمْسِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ قَوْمٍ يَتَحَرَّكُونَ فِي السَّمَاعِ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يُرَوِّحُونَ قُلُوبَهُمْ بِالْأَصْوَاتِ الْحَسَنَةِ حَتَّى يَصِيرُوا رُوحَانِيِّينَ فَهُمْ بِالْقُلُوبِ مَعَ الْحَقِّ وَبِالْأَجْسَادِ مَعَ الْخَلْقِ وَمَعَ هَذَا فَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ فَلَا يُرَى عَلَيْهِمْ فِيمَا فَعَلُوا وَلَا يُقْتَدَى بِمَا قَالُوا. اهـ.
وَعَنْ بَعْضِهِمْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يَرْقُصُونَ عَلَى الدُّفِّ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ حَنَفِيٍّ شَرِبَ النَّبِيذَ لِاعْتِقَادِهِ إبَاحَتَهُ وَكَذَا كُلُّ مَنْ فَعَلَ مَا اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ. اهـ.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ خَطَأٌ قَبِيحٌ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْحَنَفِيِّ نَشَأَ عَنْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا مَنْشَؤُهُ الْجَهْلُ وَالتَّقْصِيرُ فَكَانَ خَيَالًا بَاطِلًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ الْمُخَنَّثِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ أَشْهَرُ وَفَتْحِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ فَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِخُلُقِ النِّسَاءِ حَرَكَةً وَهَيْئَةً وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ الْأَحَادِيثُ بِلَعْنِهِ، أَمَّا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خِلْقَةً مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَلَا يَأْثَمُ بِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لَا الرَّقْصُ) سَيَأْتِي تَفْصِيلُ إسْقَاطِ الرَّقْصِ الْمُرُوءَةَ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِهِ) وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ش م ر.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) أَيْ: وَإِسْكَانِ الْوَاوِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ أَحَدُهُمَا الْآنَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمِنْهُ أَيْضًا الْمَوْجُودُ فِي زَمَنِنَا مَا أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَوْسَعُ إلَخْ قَالَ ع ش أَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمِنْهُ أَنَّ الْكُوبَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا سُدَّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِالْجِلْدِ دُونَ الْآخَرِ بَلْ هِيَ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِمَا لَوْ سُدَّ طَرَفَاهُ مَعًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَفْسِيرُهَا بِذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: تَفْسِيرُ الْكُوبَةِ بِالطَّبْلِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: غَلِطَ مَنْ قَالَ إنَّهَا الطَّبْلُ بَلْ هِيَ النَّرْدُ. اهـ.
لَكِنْ فِي الْمُحْكَمِ الْكُوبَةُ الطَّبْلُ وَالنَّرْدُ فَجَعَلَهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَحْسُنُ التَّغْلِيطُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَضِيَّةُ كَلَامِهِ إبَاحَةُ مَا عَدَاهَا مِنْ الطُّبُولِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنْ مُرَادُهُمْ مَا عَدَا طُبُولَ اللَّهْوِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِتَحْرِيمِ طُبُولِ اللَّهْوِ الْعِمْرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُمَا. اهـ.
وَفِيهِ مَيْلٌ إلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَكَذَا مَالَ إلَيْهِ الْأَسْنَى حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرَّوْضِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطُّبُولِ إلَّا الْكُوبَةَ مَا نَصُّهُ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ: هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَيَّدُوهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ قَالَ: وَمَنْ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ أَرَادَ بِهِ اللَّهْوَ أَيْ فَالْمُرَادُ إلَّا الْكُوبَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ الطُّبُولِ الَّتِي تُرَادُ لِلَّهْوِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حِلُّ مَا عَدَاهَا إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ مَا يَضْرِبُهُ الْفُقَرَاءُ وَيُسَمُّونَهُ طَبْلُ الْبَازِ وَمِثْلُهُ طَبْلَةُ الْمُسَحِّرِ فَهُمَا جَائِزَانِ ع ش عِبَارَةُ الْبُجْيَرِمِيِّ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ طَبْلٍ حَلَالٌ إلَّا الْكُوبَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَكُلَّ مِزْمَارٍ حَرَامٌ وَلَوْ مِنْ بِرْسِيمٍ أَوْ قِرْبَةٍ إلَّا مِزْمَارَ النَّفِيرِ لِلْحُجَّاجِ قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَكُلُّ مَا حَرُمَ حَرُمَ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَهَلْ مِنْ الْحَرَامِ لَعِبُ الْبَهْلَوَانِ وَاللَّعِبُ بِالْحَيَّاتِ وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ حَيْثُ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَيَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. اهـ.